السؤال: بعض الشباب همه هو تصيد أخطاء العاملين، سواءٌ في المركز أو في غيره، وإذا طلب منه العمل، اشترط شروطاً، منها: أن تزال بعض المنكرات في المركز مع العلم أنها منكرات عنده، أو عند بعض أهل العلم وعند غيره لا بأس بها، فما حكم إنكارها؟ وما نصيحتكم لمثل هذا وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: هذا السؤال يخص الإخوة القائمين بالدعوة في المركز أو ما حوله ممن يريدون العمل فيه؛ أما تصيد الأخطاء فليس هذا من شأن الدعاة إلى الله سبحانه، فكل منا لا بد أن يُخطئ، وكلنا يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل الخطأ هو من نتيجة العمل، فالذي يعمل دائماً يلام ويقال له: أخطأ في عمله؛ لكن الذي لا يعمل فهو لا يخطئ، ولا يعلم عنه الناس أي شيء ولا ينتقدونه، إنما نقول: إذا رأى المسلم أو الشاب المؤمن الحريص الداعية خطراً أو منكراً أو ما يستوجب النصيحة والتوجيه، فيجب عليه أن يبذل النصيحة بالأسلوب الحسن، ولا يتجاوز ما ينبغي أن يقوله إلى ما لا ينبغي أن يُقال.
أي: لا يتجاوز ذلك إلى سوء الظن، ولا إلى تحميل الأمور ما لا تحتمل، وإنما يتكلم الإنسان وينصح ويعظ بحسب ما يظهر له، ويكل السرائر وما خفي إلى الله سبحانه.
وفي هذه الحالة الواجب على من كان لديه ما يوجب الانتقاد، أن يتحمل وأن يتقبل بروح الإخلاص والاخوة الإيمانية، فما كان خطأ متفقاً على أنه خطأ فإنه يزال، ومن دلك على خطأ فأزلته فهو خير ممن أثنى عليك بما ليس فيك.
ثم إن كان الخطأ مواضع الاجتهاد، فلا يجوز أن يختلف الشباب فيه، مثل أية مسألة للعلماء فيها قولان، أو اختلف فيها الدعاة والعلماء المعتبر بقولهم، ولا نعني أي عالم!
لا نعني أننا نأتي بعلماء ربانيين معروفين ثقات، ونعارض أقوالهم بكلام من ينتسب إلى العلم وهم بعيدون عن التمسك بالسنة!
العلماء الثقات المعروفون في هذه البلاد إذا اختلفوا على قولين في أمر من الأمور، فلا يجوز لأحد من الناس أن يحمل إخوانه الآخرين على فتوى بعضهم؛ فهو قد أخذ برأي، وهم قد أخذوا بالرأي الآخر.؟
بل يجب أن يعذر بعضهم بعضاً؛ لأنه قد بنى على اجتهاد، ولا يعني ذلك أننا لا نتناقش ليتبين لنا الراجح من المرجوح، فإن المدارسة والمساءلة أمر مطلوب، وهي مما ينمي ويرقي المركز وغير المركز.
ففي الحقيقة أن مجرد النقد ليس عيباً، ولا يمكن أن يستقيم أي شيء إلا بالنقد وبالنصيحة، وكل الحياة يجب أن تكون كذلك، لكن أن يكون دافعها الإخلاص لله وللدعوة وأن يكون التلقي لها تلقياً سليماً وحكيماً، وبذلك نستطيع أن نتلافى كثيراً من المشاكل.
وهناك أمور أحب أن أنصح الإخوة بها:
أي شيء يمكن أن يفتح عليك باب مشكلة، وتستطيع أن تسد هذا الباب، فلا تأته، حتى لو كان عندك دليل عليه، وترى أنه ما فيه شيء، ولكن ترى أنه قد يصد عنك بعض أهل الخير، وقد يفتح عليك أبواباً من الإشكاليات.. أقفل هذا الباب، وحاول بقدر ما تستطيع كما يقول شَيْخ الإِسْلامِ
ابن تيمية رحمه الله : ''إنما يحمل العامة من الناس على الجمل الثابتة من الكتاب والسنة'' .
أي: نحاول أن نحمل الناس على الجمل الثابتة وعلى الأصول الواضحة حتى في مسائل الدعوة، فنأتي بالوسائل أو الأساليب الواضحة التي لا إشكال فيها، وندع ما فيه إشكال بالكلية، إن لم نخفف منه، بحيث أنه إن انتقد ينتقد جزئياً، ولا يصبح شغلنا الشاغل.
المهم أن تكون النصيحة وبذل الخير هو ديدننا جميعاً.
ملاحظة: بالنسبة لموضوع النشيد أو التصوير أو التمثيليات: ما اتفق عليه العلماء قديماً وحديثاً من أمور الدعوة وواجباتها يغنينا إذا قمنا به وبذلنا الجهد فيه عن التشاغل بمثل هذه الأمور، أو التفكير فيها ومحاولة معرفة ما هو الراجح وما هو المرجوح والتعب الشديد والقراءة فيها.
أما عملياً فإن استغنينا عنها أو عن أي شيء منها، فيمكن أن يكون فيها غلق لباب من أبواب الإشكال، وإن أخذ بشيء منها يؤخذ بقدر معين حتى لا يثير عليك حفيظة إخوانك الآخرين.
وأيضاً: الإنسان إذا رأى أن الشيء بقدر معين، فعليه أن يغض النظر ويتجاوز، أما لو تتبعنا مثل هذه الجزئيات، فتأكدوا أنه قد يضيع علينا كثير من الأصول الكلية المجمع عليها والتي لم نقم بها، فمن العبث وإضاعة الأوقات أن تكرر مسائل معينة لا جديد فيها، وليس لدينا مقدرة على أن نرجح فيها قولاً من الأقوال، وإنما نستهلكها ونكرر الكلام الذي لا يمكن أن يُؤدي إلى شيء من ذلك.